بناء القدرة على الصمود: دروس مستفادة من الشركات المملوكة للسوريين بعد الزلازل التي ضربت تركيا
بناء القدرة على الصمود: دروس مستفادة من الشركات المملوكة للسوريين بعد الزلازل التي ضربت تركيا
6 مارس 2025 | بورشين هاتيبوغلو وإرين أكان وكرم غورسيس وبنجي إرتونا
في فبراير/شباط 2023، هزّت الزلازل الكارثية تركيا وسوريا، مما أثر بشكل عميق على حياة الناس والمجتمعات المحلية والأعمال التجارية، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للاجئين السوريين - وهي مساهم رئيسي في الاقتصاد المحلي - الذين يعيشون ويعملون في المناطق المتضررة من الكارثة في البلاد. في أعقاب الكارثة مباشرة، أجرت Building Markets تقييم سريع للاحتياجات لهذه الشركات الصغيرة والمتوسطة، وكشف عن تأثير كبير على العمليات التجارية والأصول.
بعد مرور ثمانية عشر شهراً على الزلازل، وجد تقرير " Building Markets"، بالشراكة مع مركز إدارة وأبحاث السياحة التطبيقية في جامعة بوغازيجي (TUYGAR)، أنه على الرغم من هذه التحديات، أظهرت الشركات مرونة وسعة حيلة وقدرة على التكيف. يقدم تقريرنا الجديد تحليلاً مفصلاً لكيفية تعامل الشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة لسوريين في خمس مدن متضررة من الزلزال - أضنة وغازي عنتاب وهاتاي ومرسين وشانلي أورفا - مع آثار الكارثة.
النتائج الرئيسية
من خلال مسح شمل 486 شركة وإجراء بحث نوعي، اكتشفنا العوامل التي عززت قدرة هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة على الصمود والتكيف:
أهمية التعاون المجتمعي: لعبت الشبكات القوية بين اللاجئين السوريين وشركاتهم ودعم المجتمع المحلي دوراً حيوياً. وقد سهلت هذه الروابط تعبئة الموارد وقدمت الدعم العاطفي واللوجستي.
القدرة الشخصية على التكيف والابتكار: ازدهر رواد الأعمال الذين صمموا منتجاتهم وخدماتهم لتلبية المتطلبات المتغيرة. فقد كان استعدادهم للتغيير المحوري السريع عاملاً مغيراً لقواعد اللعبة.
النمو الفردي والمؤسسي: عززت تجارب التعلّم لدى أصحاب الأعمال وفرقهم القدرة على التكيّف. وسواء من خلال الأزمات السابقة أو من خلال العمليات اليومية، كانت هذه القدرة على التكيف هي مفتاح البقاء.
تؤكد النتائج التي توصلنا إليها على أن المرونة لا تقتصر على جانب واحد، بل هي مفهوم متعدد الأوجه يشمل الأفراد والفرق والشركات.
توصيات لبناء شركات صغيرة ومتوسطة الحجم مرنة
وقد أفضى تقريرنا إلى توصيات رئيسية لأصحاب الشركات السورية الصغيرة والمتوسطة، والوكالات العامة الداعمة، والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني. إن تنفيذ هذه الاستراتيجيات يمكن أن يعزز بشكل كبير قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على الصمود في أعقاب الكوارث.
لأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة:
الاستعداد للمخاطر: دمج التقييمات الواقعية للمخاطر واستراتيجيات التخفيف من المخاطر في تخطيط الأعمال. تنويع المخزون ومواقع التصنيع للاستعداد للكوارث الطبيعية. توجه تقييمات المخاطر هذه استمرارية الأعمال وتعزز طلبات الحصول على القروض والمنح والمناقصات والشراكات.
توسيع الأسواق: تجنب الاعتماد على العملاء المحليين فقط، حيث يمكن أن يتغير الطلب والقوة الشرائية والتوافر بشكل كبير بعد وقوع الكارثة. ويمكن أن يؤدي تنويع قواعد العملاء والموردين جغرافياً إلى الحد من هذه التأثيرات.
تعزيز الاتصالات: تعزيز ثقة العملاء من خلال ضمان الاستمرارية بعد الكوارث. زيادة التواصل من خلال الاجتماعات عبر الإنترنت والحضور النشط على وسائل التواصل الاجتماعي ومعارض الصناعة وزيارات العملاء. بالنسبة لأولئك غير القادرين على السفر، فكر في تجميع الموارد مع الشركات الصغيرة والمتوسطة الأخرى لتوظيف مندوبي مبيعات.
انتقل إلى العالم الرقمي: استثمر في التسويق الرقمي والمبيعات والعمليات الرقمية. يمكن للاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي أن تقلل التكاليف وتوفر الوقت وتعزز تأثير التسويق والكفاءة التشغيلية.
التفكير بما هو أبعد من التكلفة: قد تواجه الشركات التي تعتمد فقط على خفض التكاليف صعوبات مع ارتفاع أسعار المواد والخدمات. من المهم تبني استراتيجيات تنافسية متوازنة تجمع بين القيادة في التكلفة والتميّز، مع التركيز على الخدمات الفريدة، الابتكار، وبناء العلامة التجارية لتعزيز القدرة التنافسية والاستدامة.
جذب الموظفين والاحتفاظ بهم: لمعالجة النقص في العمالة في المنطقة التي فقدت جاذبيتها بسبب مخاوف التكلفة والسلامة، فكر في الحوافز غير المالية. يمكن أن تساعد ساعات العمل المرنة، والعمل عن بُعد، والسكن المشترك، والتدريب الداخلي مع المدارس المهنية، والتوظيف الشامل (على سبيل المثال، للنساء والأشخاص ذوي الإعاقة) في جذب الموظفين المهرة والاحتفاظ بهم.
للوكالات العامة:
تقديم التدريب الطارئ: توفير تدريب محلي مخصص للشركات الصغيرة والمتوسطة حول الاستعداد للكوارث، بما في ذلك إجراءات الإيواء، ومسارات الإخلاء، وحقوق المستأجرين. يساعد هذا التدريب أصحاب الأعمال على حماية أنفسهم وموظفيهم وأصولهم في حالات الطوارئ.
التعاون مع المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني: لقد استفاد السوريون الذين عملوا في المنظمات غير الحكومية الإنسانية بعد وصولهم إلى تركيا من هذه التجربة حيث 1) التقوا بشركاء أعمالهم المستقبليين، 2) تعلموا كيفية تقييم احتياجات المهاجرين القسريين وتعبئة الموارد لمساعدتهم، 3) طوروا رأس مالهم الاجتماعي الذي يدعم أعمالهم، 4) أصبحوا على دراية بالقضايا الاجتماعية في المجتمع. بطريقة ما، عملت المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني كحاضنات لرواد الأعمال في المستقبل. ونقترح أن يستمر صانعو السياسات في السماح لهذه المنظمات غير الحكومية بالعمل جنباً إلى جنب مع الوكالات العامة لدعم المهاجرين قسراً.
إشراك قادة المجتمع المحلي: الاعتراف بأصحاب الأعمال السوريين الذين يحشدون الموارد بنشاط في الأزمات. من الأسهل والأسرع للشبكات الاجتماعية المحلية والمنظمات المجتمعية تنظيم الدعم في حالات الطوارئ أثناء الكوارث الطبيعية في مجتمعاتهم. وكما أشار بحثنا، هناك أصحاب الأعمال السوريين الذين يمكنهم تعبئة الموارد بسرعة خلال الأزمات. يمكن للحكومة وخدمات الطوارئ التعاون مع هؤلاء القادة المجتمعيين لتعزيز جهود التأهب والاستجابة لحالات الطوارئ.
للمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني:
تطوير وتحسين التدريب: لا يكفي تقديم المعلومات لمساعدة أصحاب الأعمال على مواجهة الأزمات، بل يحتاجون إلى مهارات عملية تساعدهم على التكيف مع التغيرات غير المتوقعة. الافتراض بأن السوريين قادرون بطبيعتهم على التأقلم فقط لأنهم واجهوا أزمات سابقة مثل الحرب والجائحة، لا يعكس حقيقة التحديات التي يواجهونها بعد الكوارث.
لذلك، من المهم أن يتجاوز التدريب مجرد الاستعداد للكوارث والتخطيط الأساسي للأعمال، ليشمل مهارات إدارة التغيير مثل المرونة، التفكير الاستباقي، والتخطيط لسيناريوهات مختلفة، مما يمكنهم من التعامل مع الأوضاع المتغيرة بفعالية والاستمرار في تطوير أعمالهم.تعزيز الوعي بأهمية التأمين: توعية الشركات الصغيرة والمتوسطة حول أهمية التأمين كوسيلة لحماية أعمالها من المخاطر. يمكن أن يسهم دعم أنظمة التأمين الجماعي في خفض التكاليف وجعل الأقساط أكثر قابلية للتحمل، بالإضافة إلى توفير ضمانات إضافية للعملاء الذين يتجنبون المخاطرة.
تعزيز الشراكات المهنية: تسعى العديد من المنظمات غير الحكومية إلى ربط العمال السوريين بأصحاب العمل المحليين، لكن غالبًا ما يفتقر المرشحون إلى المهارات المطلوبة. لذلك، من الضروري إقامة شراكات مع المعاهد المهنية لضمان إعداد المرشحين بشكل أفضل وتأهيلهم لشغل وظائف تتناسب مع احتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة.
تقديم المساعدة المالية: ساعدت المنح الصغيرة المقدمة من المنظمات غير الحكومية الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير على الانتعاش. ومن شأن استمرار هذه المنح وتوسيع نطاقها، إلى جانب التدريب التقني، أن يدعم بشكل أكبر قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على الصمود.
دعم ريادة الأعمال الاجتماعية: نظرًا لأن بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة تعمل بأسلوب مشابه لريادة الأعمال الاجتماعية وتسعى إلى تحقيق أهداف مزدوجة (تجارية واجتماعية)، فمن مصلحة أصحاب هذه الشركات الاعتراف بهم كرواد أعمال اجتماعيين وتوفير الإرشاد والدعم اللازم لهم لتوسيع نطاق أعمالهم وتنميتها.
الطريق إلى الأمام
اختبرت زلازل فبراير 2023 قدرة العديد من الشركات على الصمود، لكنها في الوقت ذاته كشفت عن قوة المرونة والابتكار. من خلال قدرتها على التكيف والاستمرار رغم التحديات، تقدم الشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للسوريين دروسًا قيّمة لصناع السياسات، والمنظمات غير الحكومية، والمجتمع الاقتصادي العالمي
من خلال بناء شبكات أقوى، وتعزيز القدرة على التكيف، وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص والوكالات العامة، يمكننا إنشاء نظام بيئي لريادة الأعمال أكثر مرونة - نظام لا يتعافى من الكوارث فحسب، بل يخرج منها أقوى.
لمزيد من المعلومات، اقرأ التقرير كاملاً هنا.