من عمل منزلي صغير إلى استقرار العائلة
من عمل منزلي صغير إلى استقرار العائلة
مارس 19, 2025 | نوار معري
عندما وصلت لجين العون إلى تركيا من حمص، سوريا، عام 2013، كان همها الأول أن تبدأ حياة جديدة. تزوجت ورُزقت بطفل، لكن مع مرور الوقت ازدادت الضغوط المالية على أسرتها، خاصة مع تراجع صحة زوجها وعدم قدرته على العمل. عندها، أدركت لجين أنها بحاجة إلى إيجاد طريقة للمساهمة في إعالة أسرتها.
لاحظت لجين أن العديد من النساء السوريات في مجتمعها يفضلن التعامل مع امرأة سورية موثوقة لطباعة الصور والمستندات، خاصة بسبب حاجز اللغة وعامل الثقة. ومن هنا، أدركت وجود فجوة في السوق، ورأت فيها فرصة لتحويل حلمها الشخصي إلى مشروع ناجح.
في عام 2019، خطت لجين خطوتها الأولى بشراء جهاز كمبيوتر وطابعة، وأطلقت مشروعًا منزليًا صغيرًا للطباعة. ومع تزايد الطلب، توسعت أعمالها لتشمل طباعة الهدايا المخصصة، مثل الأكواب وغيرها من المنتجات الشخصية.
مع مرور الوقت، ازدهر مشروعها وتمكنت من الحصول على قرض من إحدى المنظمات غير الحكومية، مما أتاح لها فرصة الاستثمار في تقنية الطباعة الحرارية. لاحقًا، تواصلت مع Building Markets، حيث تلقت تدريبًا في ريادة الأعمال، واستفادت من الإرشاد والفرص الشبكية التي ساعدتها على تطوير استراتيجيتها وتوسيع نطاق خدماتها. أعادت استثمار كل ما كسبته في مشروعها، سعيًا لتحسينه وتطويره باستمرار.
في عام 2023، تسبّب الزلزال في إتلاف بعض معدات لجين، وتوقّف عملها تمامًا لمدة ستة أشهر تقريبًا، حيث تراجع الطلب وتوقّف الزبائن عن تقديم الطلبات. لكن بدعم من Building Markets، حصلت على منحة مخصّصة للأعمال المتضررة من الزلزال، مما مكّنها من شراء آلة جديدة واستئناف نشاطها. لم تكتفِ بالتعافي فحسب، بل توسعت أيضًا لتشمل خدمات الحفر والقطع بالليزر، مما جذب المزيد من العملاء. تقول لجين: "بدأت بـ 3000 ليرة تركية وماكينة واحدة، والآن أصبح مشروعي يمتلك معدات وأصولًا بقيمة 15,000 يورو."
تؤمن لجين بأن رائدات الأعمال بحاجة إلى دعم أكبر، حيث يواجهن تحدي التوفيق بين مسؤوليات الأسرة وإدارة مشاريعهن. وترى أن الدعم المالي وحده لا يكفي، فامتلاك المعرفة الصحيحة والتوجيه المناسب لا يقل أهمية لمواجهة التحديات وتنمية المشاريع.
من خلال برنامج Building Markets لتمكين المشاريع النسائية في المناطق المتضررة من الزلزال، والمدعوم من هيئة الاغاثة الاسلامية في الولايات المتحدة الامريكية، شاركت لجين في جلسات إرشاد، ودورات تدريبية، وفعاليات للتشبيك. ساعدتها هذه التجارب في تطوير مهاراتها التسويقية، وزيادة مبيعاتها، والوصول إلى فرص جديدة. لكن الأهم من ذلك، أنها منحتها إحساسًا بالدعم والتحفيز لمواصلة رحلتها.
تنتظر لجين كل جلسة مع مرشدتها دانية أبو صالح بشغف، قائلة: "هذه الجلسات لا تساعدني فقط على تطوير مهاراتي في إدارة مشروعي، بل تمنحني أيضًا الثقة والراحة النفسية والدافع للاستمرار."
بالنسبة للجين، مشروعها ليس مجرد وسيلة لكسب العيش، بل أصبح دعامة أساسية لمستقبل أسرتها. مع محدودية دخل زوجها بسبب حالته الصحية، بات عملها يوفّر ليس فقط الاستقرار المالي، بل أيضًا فرصة لأطفالها للحصول على التعليم، واستكشاف الفرص، والشعور بالأمان.
مشروعي ليس مجرد وسيلة لكسب العيش، بل هو وسيلة لبناء مستقبل أفضل لأطفالي، لأمنحهم التعليم والفرص التي يستحقونها.
